كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أتاكِ أتاكِ اللاحقون احْبِسِ احبسِ

من ذلك. وفي كلامِ الزمخشريِّ ما يُجَوِّزُه فإنه أخرجه عن التأكيدِ فقال: فإنْ قلتَ ما معنى قوله: {فكذَّبوا} بعد قوله: {كَذَّبَتْ}؟ قلت: معناه كذَّبوا فكذَّبوا عبَدنا أي: كذَّبوه تكذيبًا عَقِبَ تكذيبٍ كلما مضى منهم قَرَنٌ مُكَذِّبٌ تَبِعه قرنٌ مكذبٌ فهذا معنى حسن يسوغُ معه التنازعُ. و {مجنون} خبرُ ابتداءٍ مضمر أي: هو مجنون. والدالُ في {ازْدُجِر} بدلٌ مِنْ تاء كما تَقَدَّم. وهل هو مِنْ مَقولهم، أي: قالوا: إنه ازْدُجِرَ، أي: ازْدَجَرَتَهُ الجنُّ، وذهبَتْ بلُبِّه، قاله مجاهد، أو هو مِنْ كلام الله تعالى، أخبر عنه: بأنه انْتُهِر وزُجِرَ بالسبِّ وأنواع الأذى.
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)}.
قوله: {أَنِّي مَغْلُوبٌ}: العامَّةُ على فتح الهمزة، أي: دعاه بأني مغلوبٌ وجاء هذا على حكاية المعنى ولو جاء على حكاية اللفظِ لقال: إنه مغلوبٌ، وهما جائزان. وقرأ ابنُ أبي إسحاق والأعمشُ ورُويت عن عاصمٍ بالكسر: إمَّا على إضمارِ القول، أي: فقال، فَسَّر به الدعاءَ، وهو مذهبُ البصريين، وإمَّا إجراءً للدعاءِ مُجْرى القول وهو مذهبُ الكوفيين. وقد تقدَّم الخلاف في {فَتَحْنا} في الأنعام ولله الحمد.
{فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)}.
قوله: {مُّنْهَمِرٍ}: المنهمر: الغزيرُ النازلُ بقوة. وأُنشد:
راحَ تَمْرِيْه الصَّبا ثم انتحى ** فيه شُؤْبُوْبُ جَنوبٍ مُنْهَمِرْ

واسْتُعير ذلك في قولهم: هَمَر الرجلُ في كلامِه، وفلانٌ يُهامِر الشيءَ، أي: يَجْرُفُهُ، وهَمَرَه مِنْ ماله: أعطاه بكثرةٍ.
وفي الباء في {بماء} وجهان، أظهرهما: أنها للتعدية ويكونُ ذلك على المبالغة في أنه جَعَلَ الماءَ كالآلةِ المُفْتتحِ بها كما تقول: فَتَحْتُ بالمفتاح. والثاني: أنها للحال، أي: فَتَحْناها ملتبسةً بهذا الماء. وقرأ عبد الله وأبو حيوة وعاصم في رواية {وفَجَرْنا} مخففًا، والباقون مثقلًا.
{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)}.
قوله: {عُيُونًا}: فيه أوجهٌ، أشهرها: أنه تمييزٌ، أي: فَجَّرْنا عيونَ الأرض فنَقله من المفعوليةِ إلى التمييز، كما يُنقل من الفاعلية.
ومنعه بعضُهم، وتأوَّل هذه الآية على ما سيأتي: {وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُونًا} أبلغُ مِنْ (فَجَّرْنا عيونَ الأرض) لِما ذُكِر في نظيرِه غيرَه مرةٍ. الثاني: أنه منصوبٌ على البدلِ من {الأرض} ويُضْعِفُ هذا خُلُوُّه من الضميرِ فإنه بدلُ بعضٍ مِنْ كل. ويُجاب عنه: بأنَّه محذوفٌ، أي: عيونًا منها كقوله: {الأخدود النار} [البروج: 4-5] فالنار بدلُ اشتمالٍ. ولا ضميرَ فهو مقدرٌ. الثالث: أنه مفعولٌ ثانٍ لأنه ضُمِّن {فَجَّرنا} معنى صَيَّرْناها بالتفجير عيونًا. الرابع: أنها حالٌ. وفيه تَجَوُّزان: حَذْفُ مضافٍ، أي: ذات عيون، وكونُها حالًا مقدرة لا مقارنةً.
قوله: {فَالْتَقَى الماء} لَمَّا كان المرادُ بالماءِ الجنسَ صَحَّ أَنْ يُقال: فالتقى الماء، كأنه: فالتقى ماءُ السماء وماءُ الأرض. وهذه قراءة العامَّة. وقرأ الحسن والجحدري ومحمد بن كعب، وتُرْوَى عن أمير المؤمنين أيضًا {الماءان} يتثنيةٍ، والهمزةُ سالمةٌ. وقرأ الحسن أيضًا {الماوان} بقَلْبها واوًا. قال الزمخشري: كقولهم: عِلْباوان يعني: أنه شَبَّه الهمزةَ المقلبةَ عن هاء بهمزةِ الإِلحاق. ورُوِي عنه أيضًا {المايان} بقَلْبها ياءً وهي أشدُّ مِمَّا قبلَها.
وقوله: {قَدْ قُدِرَ} العامَّةُ على التخفيفِ. وقرأ ابنُ مقسم وأبو حيوةَ بالتشديد، وهما لغتان قرئ بهما: قوله: {قَدَّرَ فهدى} [الأعلى: 3]، {قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] كما سيأتي.
{وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)}.
قوله: {ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ}:، أي: سفينةٌ ذاتُ ألواحٍ قال الزمخشري: وهي من الصفات التي تقوم مَقام الموصوفات فتنوب مَنابها وتؤدي مُؤَدَّاها، بحيث لا يُفْصَلُ بينها وبينها. ونحوه:
........................... ولكنْ ** نَ قميصي مَسْرودةٌ مِنْ حديدِ

أراد: ولكنَّ قميصي دِرْع. وكذلك:
........................ ** ولو في عيونِ النازياتِ بأَكْرُعِ

أراد: ولو في عين الجَراد. ألا ترى أنَّك لو جَمَعْتَ بين السفينة وبين هذه الصفاتِ أو بين عيونِ الجراد والدِّرْع وهاتَيْن الصفتَيْن لم يَصِحَّ، وهذا من فصيحِ الكلام وبديعِه. والدُّسُرُ: فيه أوجهٌ، أحدها: أنه المساميرُ جمع دِسار نحو: كُتُب في جمع كِتاب. وقال الزمخشري: جمعُ دِسار وهو المِسمارُ فِعال، مِنْ دَسَره إذا دَفَعه؛ لأنه يُدْسَرُ به مَنْفَذُه. وقال الراغب: الواحدُ دَسْر يعني فيكونُ مثلَ: سَقْف وسُقُف وأصل الدِّسْرِ الدَّفْعُ الشديدُ بقَهْر، دَسَرَه بالرُّمْح، ومِدْسَرٌ مثلُ مِطْعَنْ ورُوِي: (ليس في العَنْبَر زكاةٌ إنما هو شيءٌ دَسَرَه البحرُ)، أي: دفعه. الثاني: أنها الخيوطُ التي تُشَدُّ بها السفنُ. الثالث: أنها عَوارِضُ السفينة. الرابع: أنها أضلاعُها.
{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14)}.
قوله: {بِأَعْيُنِنَا}: أي: مُلْتبسةً بحِفْظِنا وهو في المعنى كقوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ على عيني} [طه: 39]. وقرأ زيد بن علي وأبو السَّمَّال {بأَعْيُنَّا} بالإِدغام.
قوله: {جَزَاءً} منصوبٌ على المفعولِ له ناصبُه {فَفَتْحْنا} وما بعده. وقيل: منصوب على المصدرِ: إمَّا بفعلٍ مقدرٍ، ي: جازَيْناهم جزاءً، وإمَّا على التجوُّزِ: بأنَّ معنى الأفعالِ المتقدِّمة: جازَيْناهم بها جزاءً.
قوله: {لِّمَن كَانَ كُفِرَ} العامَّةُ على {كُفِرَ} مبنيًا للمفعول والمرادُ ب مَنْ كُفِر نوحٌ عليه السلام، أو الباري تعالى. وقرأ مسلمة به محارب {كُفْر} بإسكان الفاء كقوله:
لو عُصْرَ منه المِسْكُ والبانُ انعصَرْ

وقرأ يزيد بن رومان وعيسى وقتادة {كَفَر} مبنيًا للفاعل. والمرادُ ب {مَنْ} حينئذٍ قومُ نوحٍ. و {كُفِرَ} خبرُ كان. وفيه دليلُ على وقوع خبر كان ماضيًا مِنْ غير (قد) وبعضُهم يقول: لابد من (قَدْ) ظاهرةً أو مضمرةً. ويجوز أَنْ تكونَ {كان} مزيدةً. وضميرُ {تَرَكْناها} إمَّا للقصة. أو الفَعْلة، أو السفينة، وهو الظاهرُ.
{وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)}.
قوله: {مُّدَّكِرٍ}: أصلُه مُذْتَكِر، فأُبْدِلت التاءُ دالًا مهملة، ثم أُبْدِلت المعجمة مهملةً لمقاربتها وقد تَقَدَّم هذا في قوله: {وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45]. وقد قرئ: {مُذْتكِر} بهذا الأصلِ وقرأ قتادة فيما نَقَل عنه أبو الفضل {مُذَكِّر} بفتح الذالِ مخففةً وتشديد القاف مِنْ ذَكَّر بالتشديد، أي: ذكر نفسه أو غيره بما مضى مِنْ قَصَص الأولين. ونَقَلَ عنه ابنُ عطية كالجماعة، إلاَّ أنَّه بالذال المعجمة وهو شاذٌّ، لأنَّ الأولَ يُقْلَبُ للثاني، لا الثاني للأولِ.
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)}.
قوله: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي}: {كان} الظاهرُ فيها أنها ناقصةٌ {فكيف} خبرٌ مقدمٌ. وقيل: يجوزُ أَنْ تكون تامة فتكون {كيف} في محلّ نصبٍ: إمَّا على الظرف، وإمَّا على الحال، كما تقدَّم تحقيقُه في البقرة.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)}.
ومعنى يَسَّرْنا القرآن: هَيَّأْناه للذِّكْر مِنْ قولهم: يَسَّر فَرَسَه، أي: هَيَّأه للركوب بإلْجامِه. قال الشاعر:
فَقُمتُ إليه باللِّجام مُيَسَّرًا ** هنالك يَجْزِيني الذي كنتُ أصنع

{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)}.
قوله: {صَرْصَرًا}: أي الشديدةُ الصوتِ مِنْ صَرْصَرَ البابُ أو القلمُ إذا صوَّت، أو الشديدة البرد مِنْ الصِّرِّ وهو البرد. وهو كله أصولٌ عند الجمهور. وقال مكي: أصلُه صَرَّر مِنْ صرَّ البابُ إذا صَوَّتَ لكنْ أبدلوا من الراء المشدة صادًا. قلت: وهذا قول الكوفيين. ومثلُه: كَبْكَبَ وكَفْكَفَ، وتقدَّم هذا في فُصِّلَتْ وغيرها.
قوله: {يَوْمِ نَحْسٍ} العامّةُ على إضافة {يوم} إلى {نَحْس} بسكونِ الحاءِ. وفيه وجهان، أحدهما: أنَّه من إضافة الموصوف إلى صفتِه. والثاني: وهو قول البصريين أنه صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أي: يوم عذابِ نحس، وقرأ الحسن بتنوينه ووَصْفِه ب نَحْس، ولم يُقَيِّدْه الزمخشريُّ بكسر الحاء. وقَيَّده الشيخ. وقد قرئ قوله تعالى: {في أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [فصلت: 16] بسكونِ الحاءِ وكسرِها. وتنوين {أيام} عند الجميع كما تقدَّم تقريره {ومُسْتمر} صفةٌ ل {يوم} أو {نَحْسٍِ} ومعناه كما تَقدَّم، أي: دامَ عليهم حتى أهلكهمِ أو مِنْ المرارة.
{تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)}.
و {تَنْزِعُ} في موضع نصبٍ إمَّا نعتًا ل {ريحًا}، وإمَّا حالًا منها لتخصُّصِها بالصفةِ ويجوزُ أن تكون مستأنفةً. وقال: {الناس} لتَضُمَّ ذَكَرهم وأُنثاهم، فأوقع الظاهر موقعَ المضمرِ لذلك، وإلاَّ فالأصلُ: تَنْزِعُهم.
قوله: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ} حالٌ من الناسِ مقدرةً. و {مُنْقَعِر} صفةً ل {نَخْلٍ} باعتبار الجنس، ولو أَنَّثَ لاعتبر معنى الجماعة، كقوله: {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الخاقة: 7] وقد تقدَّم تحقيق اللغتين فيه، وإنما ذَكَّر هنا وأَنَّثَ في الحاقةِ مراعاةً للفواصل في الموضعَيْن. وقرأ أبو نهيك {أَعْجُزُ} على وزن أَفْعُل نحو: ضَبُع وأضْبُع، وقيل: الكاف في موضع نصبٍ بفعل مقدرٍ تقديرُه: فتركهم كأنهم أعجازٌ، قاله مكي، ولو جُعِلَ مفعولًا ثانيًا على التضمين، أي: يُصَيِّرهم بالنَّزْع كأنهم، لكان أقربَ.
والأَعْجاز: جمعُ عَجُزٍ وهو مُؤَخَّرُ الشيءِ ومنه (العَجْزُ) لأنه يُؤَدِّي إلى تأخُّرِ الأمورِ. والمُنْقَعِرُ: المُنْقَلعُ مِنْ أصله، قَعَرْتُ النخلةَ: قَلَعْتُها مِنْ أصلها فانقَعَرَتْ. وقَعَرْتُ البئر: وصَلْتُ إلى قعرها. وقَعَرْتُ الإِناء: شَربْتُ ما فيه حتى وَصَلْتُ إلى قَعْرِه، وأَقْعَرْتُ البئر:، أي: جعلتُ لها قَعْرًا، وقَعَرْتُها: وَصَلْتُ إلى قَعْرها.
{فَقالوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)}.
قوله: {أَبَشَرًا}: منصوبٌ على الاشتغالِ، وهو الراجحُ، لتقدُّم أداةٍ هي بالفعل أَوْلَى، و{مِنَّا} نعتٌ له. و {واحدًا} فيه وجهان، أظهرهما: أنه نعتٌ ل {بَشَرًا} إلاَّ أنه يُشْكِلُ عليه تقديمُ الصفةِ المؤولة على الصريحة. ويُجاب: بأنَّ {مِنَّا} حينئذ ليس وَصْفًا بل حالٌ من {واحدًا} قُدِّمَ عليه. والثاني: أنه نصبٌ على الحالِ من هاء {نَتَّبِعُه} وهو تخلُّصٌ من الإِعرابِ المتقدِّم. إلاَّ أنَّ المُرجِّحَ لكونه صفةً قراءتهما مرفوعَيْنِ: أبَشرٌ مِنا واحد نَتَّبِعُهُ على ما سيأتي فهذا يُرَجِّحُ كونَ {واحدًا} نعتًا ل {بشرًا} لا حالًا. وقرأ أبو السَّمَّال فيما نقل الهذلِيُّ والدانيُّ برفعِهما على الابتداء، و{واحدٌ} صفتُه {ونَتَّبعهُ} خبرُه. وقرأ أبو السَّمَّال أيضًا، فيما نَقَل ابن خالويه وأبو الفضل وابن عطية برفع {بَشَرٌ} ونصب {واحدًا} وفيه أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ {أبَشَرٌ} مبتدًا، وخبرُه مضمر، تقديره: أَبَشَرٌ منا، يُبْعَثُ إلينا أو يُرْسَلُ. وأمَّا انتصابُ {واحدًا} ففيه وجهان، أحدهما: أنَّه حالٌ من هاء بالابتداءِ أيضًا، والخبر {نَتَّبِعُه} و{واحدًا} حالٌ على الوجهَيْن المذكورَين آنفًا. الثالث: أنه مرفوعٌ بفعلٍ مضمر مبني للمفعول تقديره: أيُنَبَّأُ بَشَرٌ و{مِنَّا} نعتٌ و{واحدًا} حالٌ أيضًا على الوجهَيْن المذكورَيْن آنفًا. وإليه ذهبَ ابنُ عطية.
قوله: {وَسُعُرٍ} يجوزُ أن يكون مفردًا، أي: جنون. يقال: ناقةٌ مَسْعُورة، أي: كالمجنونة في سَيْرها. قال الشاعر:
كأنَّ بها سُعْرًا إذا العِيْسُ هَزَّها ** ذَمِيْلٌ وإرْخاءٌ من السير متعبُ

وأَنْ يكونَ جمعَ سَعير، وهو النار، والاحتمالان منقولان.
{أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)}.
قوله: {مِن بَيْنِنَا}: حالٌ من هاء {عليه}، أي: أَلْقى عليه منفردًا مِنْ بيننا.
قوله: {أَشِرٌ} الأَشِرُ: البَطِرُ. يقال: أَشِر يأْشَر أَشَرًا فهو أشِرٌ كفَرِح، وآشِر كضارب، وأشْران كسَكران، وأُشارى كسُكارى. وقرأ أبو قُلابةِ وجعلهما أَفْعَلَ تفضيلٍ تقول: زيدٌ خيرٌ مِنْ عمروٍ وشرٌّ مِنْ بكر. ولا نقول: أَخْبرُ ولا أَشَرُّ إلاَّ في نُدورٍ كهذه القراءة وكقول رُؤْبة: